كان الـ64: شقاء العالم تحت أبهى الأضواء
كان- ريما المسمار
2011.05.17 - المعادلة التي يقوم عليها مهرجان كان السينمائي
هذا العام، يمكن اختزالها بالتالي: التماس مع الواقع إلى حدّ الوجع أو
التحليق فوقه بجرعة من الخيال أو السحر أو الفلسفة. ذلك أن أكثر من
نصف الأفلام التي عرضت إلى الآن في المسابقة الرسمية معنية بشكل مباشر
بتراجيديا العالم المعاصر، من مأزق الوجود ومن الأفق المسدود في وجه
البشرية. جرعة زائدة من القسوة والعنف وتوسّل الخلاص، تراكمت خلال
الايام الستة الماضية، محيلة المشهد داخل صالة العرض إلى صمت مطبق
ووجوم، تتخلّلهما نوبات بكاء مكبوتة أو متسلّلة على مهل، كمن يطلق
تنهيدة طويلة مصارعاً الإنخراط في البكاء. والمشهد ليس مبالغاً فيه.
فما إن تدخل فيلماً حتى تجد نفسك أسير رؤى سوداوية في الغالب، معظمها
لا يترك بصيص أمل. عالق أنت في كرسيك بين نظرة متشائمة (وواقعية في
آن) إلى العالم وبين تجاربك الشخصية التي لا تلبث تتواتر بإيقاع لاهث
لتضعك أمام مخاوف دفينة وفرضيات محتملة.

وقد يصل الأمر في كانّ إلى حد الإنشقاق التام بين الإحتفالية
المبهرة التي تصنع إطار الحدث وبين مضمونه (مضمون أفلامه) القاسي
والكئيب. والسينمائيون في ذلك يبرهنون، على اختلاف مشاربهم ومشاريعهم،
عن حساسية وقدرة عاليتين على ملامسة الواقع، ببرود لافت كمن يقول
"أهلاً بك إلى العالم الجديد!" الحالات ليست استثنائية، بل متجذّرة في
يومياتنا ومجتمعاتنا، ولعلّ هذا ما يثير الرعب. من دون اتفاق مسبق ولا
تدبير، التقى ستة سينمائيين حول موضوعات محورها الأطفال. والتقت تلك
الأفلام الستة مع اثنين آخرين حول موضوع العائلة، أو العلاقة بين
الآباء والأبناء. فيما تلوّن المسابقة للمرة الأولى في تاريخ مهرجان
كانّ أربع سينمائيات. وإذا أردت التقاط أنفاسك أو البحث عن قيمة
كلاسيكية في الأفلام، أي الإلهام، برز فيلما وودي آلن الإفتتاحي
"منتصف الليل في باريس" وشريط ميشال أزانافيسيو الصامت "الفنان"،
وكلاهما يحمل تحية إلى زمن مضى برموزه الأدبية والسينمائية. وبينهما،
يأتي تيرينس ماليك بجديده المنتظر "شجرة الحياة"، ليقدّم فيلماً
فلسفياً عن الحياة والموت والفقدان والقسوة والعنف، يوردها متساوية
بشعرية يستلهمها من الحياة نفسها، قابلاً أحياناً ومتسائلاً في أحيان
أخرى أن يكون الألم الكبير ثمناً طبيعياً للجمال الأكبر والوجود
الأعظم. على الرغم من ردود الفعل المتباينة حول الفيلم، والذي أتى
معظمها كردّ فعل على الإنتظار الطويل والغموض الكبير اللذين احاطا
بالمشروع حتى لحظة عرضه في كانّ، يبقى "شجرة الحياة" الفيلم الأكثر
قدرة على تحدي العقل والروح، مستلزماً عملهما لوقت طويل بعيد مشاهدة
الفيلم.
حكايات أطفال لا تصلح لما قبل النوم
هل هي عودة سينمائية إلى الموضوعات الكبرى تلك التي شهدناها في
أعمال ماي وين والأخوين داردن وماركوس شلاينزر ولين رامساي؟ الأمر ليس
بجديد على البلجيكيين داردن اللذين سبق لهما تناول موضوع العائلة
والأولاد في أفلام كثيرة كان آخرها "الولد" (The Child) عام 2005. في
موطنهما البلجيكي المعتاد وتحديداً في بلدة طسيراينغ" الصناعية التي
استضافت معظم أفلامهما السابقة، يحرك الأخوان داردن أحداث فيلمهما
الجديد "الصبي مع الدراجة". حكاية بسيطة عن ولد في الثانية عشرة كل
همه العثور على والده الذي تركه "مؤقتاً" في بيت خاص بالأطفال. خلال
النصف الساعة الأولى من الفيلم، يحبس "سيريل" (أداء رائع لتوما دوريه)
أنفاسنا ببحثه الدؤوب عن والده. خوف وقلق وغضب تحرّكه في كل الإتجاهات
للعثور على والده. فيهرب من المركز، يقفز فوق الجدران، يقتحم المبنى
الذي كان يسكنه ووالده، يسأل الناس من حوله، يتمسّك بخيط قد يقوده إلى
والده ويمضي فيه إلى الآخر. أخيراً عندما يعثر عليه، يخبره الأخير
بأنه لن يستطيع رؤيته بعد الآن لأنه في صدد بناء حياة جديدة. في هذه
الأثناء، يكون الصبي قد التقى صدفة بمصففة شعر تدعى "سامنثا" (سيسيل
دو فرانس)، يطلب منها أن تستضيفه في منزلها في عطلة نهاية الاسبوع.
توافق الأخيرة بسبب طبيعتها الطيبة ولكنها لا تدرك كم سيكون ذلك
صعباً. فإحساس "سيريل" بأنه متروك وغير محبوب من قبل والده سيجدد طاقة
الغضب والرفض وسيدفعه إلى البحث عن متنفس جديد لها. يأتي الأخير على
شكل تورطه في أعمال عنف مع شاب تاجر مخدّرات. إلا أن محاولات
"سامانثا" ترويض غضبه بتعبيرها المستمر عن الحب سيأتي بثماره في نهاية
المطاف. فلجأ الفيلم جمهور الأخوين داردن بمجموعة متغيرات، ليس أقله
توظيف معابر لجملة موسيقية، لم تجد طريقها في السابق إلى اي من
افلامهما، واستعانتهما بممثلة معروفة هي سيسيل دو فرانس ذات الأصول
البلجيكية والتي تختزل في الفيلم الروح الإنسانية في أبهى حلة لها.
إلا أن المفاجأة الكبرى كانت ما وصفه كثيرون بـ"نعومة" لم نعتدها لدى
داردن في السابق. والأخيرة ظاهرة في أكثر من ملمح، الأماكن المفتوحة
التي تجري فيها معظم الأحداث والألوان المبهجة والكاميرا المنسابة
في مقابل الأماكن المغلقة والألوان الكئيبة والكاميرا العصبية
في أعمالهما السابقة. حتى الرحلة التي يجتازها "سيريل" لتفريغ غضبها
وقبول الحب من جديد ليست بالقسوة التي نفترضها. بقول ذلك، يبقى "الصبي
مع الدراجة" واحداً من اجمل الأفلام التي تتناول مرحلة الطفولة وربما
سيجد طريقه سريعاً إلى ركن الكلاسيكيات السينمائية التي قاربت ذلك
الموضوع لاسيما شريط فيتوريو دو سيكا الشهير "سارقو
الدراجة".

في العمق، اثلجت مقاربة الأخوين داردن قلوب كثيرين، كانوا قد اخذوا
كفايتهم من العنف والقسوة اللذين صورهما مايوين وماركوس شلاينزر في
"بوليس" و"ميكايل" تباعاً. وقبلهما، كانت المسابقة قد كشفت في اليوم
الثاني عن فيلم لا يقل قسوة هو "يجب أن نتحدث عن كيفن" للين رامساي.
شريط ماي وين المعروفة كممثلة بالدرجة الأولى، يشكّل تجربتها
الإخراجية الثالثة ويكتب بالأجنبية بطريقة خاصة (Polisse) ترمز مباشرة
إلى محور الفيلم، فرقة الشرطة المتخصصة بمكافحة الجرائم والعنف تجاه
الأطفال، بينما يرمز لفظها إلى "البشرة الناعمة" (Peau Lisse) كناية
عن الأطفال. بأسلوب اقرب إلى التوثيق وإيقاع التقاط الحدث في لحظة
زمنية راهنة، تبني مايوين أحداث فيلمها حول أعضاء فرقة الشرطة تلك
الذين يقومون على مدار الساعة بالتحقيق مع أطفال وأحداث في أمور تتعلق
بالاغتصاب والعنف، بينما يعانون الضغط الشديد في حيواتهم الخاصة، إما
بسبب تاثير عملهم وإما لانهيار علاقاتهم الزوجية والعاطفية. المشاعر
الاقوى التي يختبرها هؤلاء تحدث في ما بينهم، وتتفجر خلافات وضحكات
وقصص حب مكتومة. تدخل إلى المجموعة "ميليسا" (مايوين) المكلّفة إنجاز
توثيق فوتوغرافي لعمل المجموعة. على نحو ما، تصير "ميليسا" عين
المشاهد، إذ تحاول التقاط جوهر الحكايات الآتية من كل صوب. فهنالك
حكايات أعضاء المجموعة الفردية، وهناك حكاياتهم في ما بينهم، وهناك
حكايات الأطفال التي تكشف عن حالات مرضية قصوى من الإستغلال والعنف
تجاه الأطفال. لعل الإنجاز الأكبر الذي حققته المخرجة هو استلهام
بنائه من حيوات شخصياته: إنه تماماً التداخل بين العام والخاص،
مهندساً بفوضى ظاهرية ترتكز في جوهرها على التعقيد الذي تفرضه الحالة.
هكذا تتداخل حكايات الأطفال مع حكايات الشرطيين، تتغلغل فيهم فتنفجر
عاطفة او خلافاً أو هستيريا من الضحك، في ما هي تلوينات تعكس الضغط
اليومي الكبير الذي يرزحون تحت ثقله. في كل ذلك، يطرح الفيلم
مجموعة تساؤلات تطاول أخلاقيات العمل وجدواه. فها هنا خلية نحل لا
تتوقف عن العمل كما لو انها في منطقة منكوبة بزلزال، وفي كل لحظة تطفو
على الماء جثة أو يسمع تحت الأنقاض صراخ حي. الضغط نفسه يدفع
بالشرطيين إلى الشك بأدنى تصرف يصدر عن الراشدين. فإذا نهرت أم طفلها
في الشارع، أصبحت آلياً عرضة لشبهة الإساءة إلى الأطفال وواجهت خطر
تفريقها عن أولادها. هل الفعل الصواب هو الانسب دائماً في هذه
الحالات؟ هل انتشال الأطفال من حضن اهاليهم، حتى إذا كان هؤلاء مهربي
مخدرات، في مصلحة الأطفال؟ هل يصلح اعضاء الشرطة المنهارون نفسياً
حكماً في مسائل من هذا النوع؟ اسئلة كثيرة ينجح الفيلم في تحريكها
بدون افتعال من دون أن تخفّف من وطأة الحالة والمعضلة. لذلك نجد
"ميليسا" تعود إلى جذورها قبيل نهاية الفيلم، إلى شارع "بيلفي"
المأهول بخليط سكاني من إثنيات مختلفة. هنا الحياة وهنا التراجيديا
أيضاً، كما في كل مكان.
إلا أن الحياة والتراجيديا يبدوان وجهان لعملة واحدة في فيلم
"ميكايل"، باكورة النمسوي ماركوس شلاينزر، الآتي من تجربة طويلة في
مجالات سينمائية أخرى. الفيلم الناطق بالألمانية، يروي حكاية رجل
ثلاثيني(ميكايل)، يحتفظ في قبو منزله بطفل في العاشرة (وولفغانغ).
يبدأ الفيلم والطفل موجود، لا نعرف منذ متى ولا كيف ولا لماذا. يقلّم
شلاينزر الإضافات، يمحو السياق، يستغني عن التحليل النفسي الذي يرافق
في العادة هذا النوع من الأفلام. هو غير معني إلا بالزمن الذي يتناوله
الفيلم وبالأحداث التي ستتخلله، لا يستعيد الماضي ولا يسترق النظر إلى
المستقبل. فيلم صارم بهذا المعنى، بارد، يدفعنا إلى مشاهدته في سياق
كوني أكبر، في وصف هذا التعايش بين الرجل والصبي غير إرادي، بصرف
النظر عن الاسباب. مع انطلاقة الفيلم، ينتظر المشاهد أن يفهم ماذ حدث
ولماذا. ولكن مع تقدم الأحداث وبقاء الفيلم منغلقاً على نفسه ومعطياته
الأولية، تنطلق العين باحثة في الأمكنة نفسها عن دليل أو شيء جديد،
تماماً كما يفعل "وولفغانغ" في قبوه طوال اليوم، يخترع الألعاب
واللهو. تكشف غرفة الولد المجهزة بالعابه واحتياجاته عن انه أمضى
وقتاً طويلاً هناك. كذلك علاقته الآلية مع "ميكايل"، من دون مقاومة
تذكر في البداية. حياتهما محكومة بروتين: ذهاب "ميكايل" إلى العمل
صباحاً وبقاء "وولفغانغ" في القبو حيث الطعام والألعاب متزفرة؛ عودة
ميكايل مساءً وتناولهما العشاء بصمت، يوحي بازدراء الصبي له إنما ليس
فوق العادة. فكأن "ميكايل" اب قاسِ، هكذا يبدو في البداية. أحياناً
يشاهد الصبي التلفاز وأحياناً لا يسمح له بذلك. يخرجان في عطل
الاسبوع، يمضيان عيد الميلاد معاً، ينظفان المنزل... إنها اشبه بحياة
يومية سوى أنها مفتعلة. حياة طبيعية يريدها "ميكايل" فاقد الصلة
بعائلته واصدقائه بسبب رئيسي هو اشتهاؤه الأطفال. هكذا يحاول من خلال
اختطاف "وولفغانغ" أن يحقق الرغبتين: الرغبة في أن تكون له عائلة
كغيره من الناس والرغبة الجنسية بالأطفال. معادلة عادية بالنسبة إليه،
أو هكذا يبدو، متآلفاً مع فعلته. فإذا حرك عامل خارجي الموضوع ودفعه
إلى النظر إليه من زاوية أخرى، ارتبك وانطوى على ذاته من جديد ورؤيته
المريضة. يتجاوز الفيلم بدم بارد الأسئلة المعتادة إلى أخرى تبدو
بالنسبة إلى الآخرين ثانوية. فنحن نريد أن نفهم ونحاكم ونحقق العدالة.
أما بالنسبة إلى صاحب الفيلم، فثمة واقع يتطلب التعاطي معه بمنطقه.
عندها يسأل: ماذا سيحل بالصبي إذا تعرض "ميكايل" لحادث؟ ماذا يفعل
"ميكايل" إذا مرض الصبي؟ وماذا سيحدث للأخير إذا مات "ميكايل" فجأة؟
في نهاية الفيلم وبعد تطبيقه كل تلك الفرضيات، يحرمنا الفيلم الجواب،
كأنه بذلك يعود إلى البداية بسؤال جوهري: ايهما أفضل بالنسبة إلى
الصبي: أن يبقى حياً بتلك الذاكرة الأليمة أم أن يموت مع خاطفه؟ شريط
مدهش بتقشفه وبروده وقدرته على استنباط تلوينات من حالة قصوى جامدة
ومدانة على كل الاصعدة. وجراة كبيرة من مخرج يقدم فيلمه الاول أن
يتناول الجريمة الإجتماعية الكبرى من وجهة نظر الجلاد ومن دون إطلاق
إحكام. إنه ليس إنصافاً وليس أنسنة بالمعنى التقليدي، بل هو محاولة
لفهم عالم يثير الغثيان من دون أن يفقد ملمحه الإنساني. لا يذكر
المخرج في تعليقاته اية واقعة محددة ألهمت فيلمه، ولكن مما لا شك فيه
أن الحادثة الأقرب إلى الذاكرة هي حكاية ناتاشا كامبوتش التي بدأت
مأساتها المروعة عام 1998 (كانت في العاشرة) باختطافها واحتجازها من
قبل عامل ميكانيكي في زنزانة تحت الأرض لثماني سنوات قبل أن تهرب في
23 آب 2006. منذ ذلك الحين، تحولت ناتاشا مادة إعلامية دسمة لمئات
المقابلات وعشرات الكتب والأفلام الوثائقية وغيرها. الفتاة التي أذهلت
العالم بذكائها ومعرفتها واصبحت اليوم نجمة تلفزيونية تقدم برنامجها
الحواري على إحدى محطات التلفزة النمسوية وافقت العام الماضي على
تحويل قصتها فيلماً سينمائياث على يدي المنتج والمخرج الالماني بيرند
ايتشينغر.
رسولوف، لا تقل "وداعاً"
من سجنه الكبير، وبانتظار قرار البت بحكم سجنه الصغير، أرسل المخرج
الإيراني محمد رسولوف رسالة كأنها الأخيرة. فيلم أطلق عليه عنوان
"وداعاً"، ولا ندري إن كان الوداع يشمل شخصية الفيلم الرئيسية فقط، أم
أنه تورية لمآله أيضاً. انضم الفيلم إلى قسم "نظرة ما" قبل ايام قليلة
من افتتاح المهرجان، كما فعل شريط جعفر باناهي "هذا ليس فيلماً"
(سيعرض غداً) إلى قسم "العروض الخاصة". ولعلَ المهرجان لم يرد الإفصاح
عنهما إلا بعيد تأكده من وصول نسختيهما إلى كان، كفعل احتجاج من
المخرجين ومساندة من المهرجان والمجتمع السينمائي. فيلم رسولوف كان
سيحوز الإعجاب والتعاطف في كل الأحوال، إلا أنه لحسن الحظ استحقّهما.
فالشريط المبني حول حكاية "نور" (ليلى زارع) أقرب إلى فيلم "مسروق"،
منتزع من الواقع كقطعة نادرة على الرغم من وفرة الحكايات من هذا
النوع. إلا أن كاميرا رسولوف، تحت ضغط المنع أو بخيار فني شخصي، تدور
في الأمكانة المغلقة، في البيوت وداخل المكاتب وفي خلفيات عربات
الإسعاف. أو في مساحة ضيقة جداً داخل الباص أو في زاروب متوارِ عن
الأنظار. إنه عالم "نورا" في كل الاحوال، الساعية بكل ما أوتيت من قوة
إلى الحصول على تاشيرة سفر ومغادرة البلاد، بعد أن منعت من ممارسة
مهنتها في المحاماة واقضي زوجها الصحافي إلى شمال إيران ولاتزال هي
ملاحقة بسببه. نفهم أنها حامل وان ذلك كان اقتراح المحامي الذي يقوم
بتسهيل معاملات السفر. ولكن الحكاية تدخل في متاهات أخرى عندما تبدا
نورا بسؤال نفسها إن كانت تريد طفلاً واتضاح أن الأخير مصاب بمتلازمة
داون (down syndrome). تلاحق كاميرا رسولوف "نورا" في يومياتها بين
مكتب المحامي وعيادة الطبيب والمستشفى حيث تجري الفحوصات للتأكد من
صحة الجنين وبين منزلها حيث تقوم بتوضيب علب هدايا وبيعها. المناخ
الرمادي الأزرق المستحوذ على الفيلم انعكاس مباشر لوحدتها وخوفها
وشعورها المتنامي بالتهديد. يتحقق كل ذلك تدريجياً وصولاص إلى
اعتقالها في الفندق قبل مغادرتها بدقائق إلى المطار. "وداعاً" فيلم
اسود بالكامل لا بيص أمل فيه ولا عجب في ذلك البتة.
*تنشر بالتزامن مع صحيفة "المستقبل"