ملك مومباي: حوار مع سينغ مانجيت
2012.10.09 - يعتبر فيلم "ملك
مومباي" المثير للجدل حالة غنائية راصدة لشريحة واقعية، من خلال
صبي وصراع والدته الطويل مع والده العنيف ليكبر في أحد أحياء مومباي
الفقيرة. ولأول مرة، وجد سينغ الوقت للرد على بعض أسئلتنا، قبل الفيلم
الذي سيُعرض ضمن مسابقات مهرجان أبوظبي السينمائي في دورته
الحالية.

"ملك مومباي" هو فيلمك الروائي الأول. هل كانت هذه القصة
هي ما أردت أن تقوله لفترة طويلة؟ وهل تتضمن أي عناصر من السيرة
الذاتية؟
كانت لدي فكرة القصة طوال السنوات الأربع الماضية، وكانت لدي
الرغبة في تقاسم ذكريات طفولتي من خلال هذا الفيلم، وأيضا لالتقاط
المشهد السمعي البصري من مهرجان (غانيش) الذي يُعتبر هوية المدينة.
ولعل هذا هو الفيلم الأول الذي يُجسد جوهر المهرجان وأهميته في حياة
أهل مومباي.
لم أتمكن من تصوير مهرجان (غانيش) في العامين الماضيين، وهذا
العام، جعلت هدفي تصوير الفيلم مهما كلّف الأمر. أردت أن أشارك حنيني
لطفولتي من خلال شخصيات الفيلم، والاقتباس من تجارب الحياة الحقيقية
من الشرائح الفاعلة بما في ذلك الأطفال ومن أحداث حقيقية من الحي الذي
كنا نصوّر فيه الفيلم.
هل لك أن تخبرنا كيف جئت بـ "ملك مومباي" عنواناً
للفيلم؟
خلال مهرجان (غانيش) يتم تثبيت تماثيل ضخمة في جميع أنحاء مومباي،
والأكثر شهرة هو تمثال (لال باغ تشا رجا) في منطقة تسمى (لال باغ).
وبالمثل، لدينا (أنديري تشا رجا)، حيث الإله غانيش هو رجا (ملك)
مومباي خلال المهرجان، لذلك قررت أن استخدم هذا العنوان.
كيف تعاملت مع الممثلين الشباب في هذا
الفيلم؟
لقد سُحرت بأرباز، كان يبيع البالونات بالقرب من منزلي، ويعود أول
تفاعل بيننا لزمن طويل، حيث روى لي قصته ومشاكله العائلية فأصبحت
مولعاً به وشملته كشخصية في النص. وقد وقع الاختيار على راهول، بطل
الرواية، من بين مجموعة من ثمانية أطفال من الحي، وخلال ورشة العمل
حاولنا أن نفهم التحديات التي تواجههم في الحياة. كان راهول يعاني من
مشكلة العنف الأسري، والتي كانت مشابهة جداً لمشاكل بطل الرواية،
وتحوّل لأن يكون طرفاً فاعلًا فيها.
رسخ فيلم "المليونير المتشرد" صورة في عقول الناس حول
الحياة في الأحياء الفقيرة في مومباي. إن فيلمك الحاد والواقعي سلك
نهجاً مختلفاً جداً تجاه موادها. ما هو التأثير الذي يهدف إليه الفيلم
على المشاهدين ممن لديهم أحكام مسبقة بشأن بعض جوانب الحياة في
الأحياء الفقيرة؟
فيلم "المليونير المتشرد" هو فيلم مصنوع بحرفية عالية، ويقدّم وجهة
نظر خارجية فيما يخص الحياة في الأحياء الفقيرة في مومباي. كنت أعمل
على نص يدور حول حياة الأطفال الذين يغنون في القطارات في مومباي. إنه
فيلم عن الجيل القادم من الأفلام الغنائية، تأليف العبقري ماتياس
دويلاسي، الذين وضع أيضاً الموسيقى لفيلمي. بدأنا الفيلم ولكن توقفنا،
لأن المنتج واجه مشاكل. كان هذا قبل ظهور "المليونير المتشرد". يقدمني
هذا السيناريو بطريقة ما إلى حياة هؤلاء الأطفال الذين يتمتعون
بالحياة على أكمل وجه على الرغم من المشاكل التي لديهم في الحياة. كان
هناك الرغبة في التقاط روحهم العالية وإظهار ذلك بطريقة صحيحة، من
خلال استخدام أطفال من واقع الحياة وقصصهم دون استغلال السوق. إذا قمت
بزيارة أحد هذه الأحياء الفقيرة، فإنك لن تجد علامات الشر على أعين
الأطفال، ولكنك بالتأكيد ستجد أولاداً يقومون بمطاردة الفتيات. لا
يمكن أن يكون الفيلم رد فعل على فيلم "المليونير المتشرد" وإنما هو
فيلم مختلف تماماً.
ما هي التحديات التي واجهتكم خلال تصوير هذا
الفيلم؟
حاولت أن أنقل قصصي للمنتجين وورش عمل تطوير السيناريو وأسواق
الإنتاج المشترك وبرامج التطوير العالمية، وحاولت أن أطرق تقريباً كل
الأبواب، لكن محاولاتي باءت بالفشل، ثم أدركت أن الناس لا ترغب بقراءة
الكلمات على الورق، لذلك قررت عدم إضاعة الوقت وبدأت التصوير مع
المعدات والممثلين وأفراد الطاقم الذين استطعت أن اجمعهم معاً بوقت
واحد في مهرجان غانيش. وقمنا بالعمل في مختبر (التقدم) في بازار
الأفلام، وقد عُرض الفيلم على أفضل مديري المهرجانات ومسوقي الأفلام،
ولحسن الحظ فاز أيضاً بالجائزة في القسم الذي كان يضم أفلام أخرى مثل
"ملكة جمال جميل" و"السفينة ثيسيوس".
أن تخترق أوساط المهرجان أمر صعب إذا كنت مخرجاً هندياً، وقد تم
تحذيري من تحيّز صُناع السينما الهندية ذوي الخبرات الدولية في
(بازار) فيلم، لكني لم أشعر أن ذلك كان موجوداً، ومن المحزن أن
للمهرجانات الكبرى مدخل واحدة فقط للأفلام الجنوب آسيوية، أحياناً قد
يكون من الهند، وفي أغلب الأحيان لا يكون. بعض مديري المهرجانات
يعتقدون أنهم يعرفون كل شيء عن السينما الهندية. وقد كُتبت عدة كتب
ربما عن مخرجين هنود لديهم سمعة الطيبة، لكنها تتسم بالسطحية جداً حول
السينما الهندية، وينتهي اختيار الأفلام إلى تلك التي تمولها بوليوود.
لدي أصدقاء ممن لديهم مناصب عليا في هذه المهرجانات غير أنهم عاجزون
عن فعل شيء، ونأمل أن تتغير هذه الصورة قريباً.
بفضل مهرجان تورونتو السينمائي الدولي، حصل الفيلم على مكانة دولية
مميزة، ولكني مازلت أواجه مشاكل في التمويل وفي الحصول على مكانة في
عالم صناعة السينما.
كيف ترى وضع السينما الهندية المستقلة اليوم؟
بفضل التقدم في التقنيات الرقمية، أصبح من السهل نسبياً إنتاج
فيلم. إن صناع السينما الذين يؤمنون بأنفسهم، ولا يهتمون بربطهم
بأسماء كبيرة للترويج لمشاريعهم ماضون بمشاريعهم. هذه الأفلام تحتاج
إلى أن تُكتشف، لكن للأسف وسائل الإعلام ليست قادرة على التعريف
بمستوى المهارات التي يمتلكها صُنّاع هذه الأفلام.
إن الأفلام المُنتجة في ستوديوهات بوليوود، والتي هي مختلفة قليلاً
عن أفلام بوليوود المتداولة، يتم تقديمها لوسائل الإعلام على أنها
أفلام مستقلة، لأنهم لم يحاولوا حقاً استكشاف ما هي السينما الهندية
الحقيقية المستقلة. أدعو صنّاع هذه الأفلام ـ كأفلام بوليوود الهندية
ـ الذين يحصلون على الثناء من وسائل الإعلام، الدخول في المهرجانات،
لتسهيل انتشارهم داخل الهند وخارجها، دون دفع حدود السينما لتصبح أكثر
توتراً، لكي لا يتم تجاهل الأفلام المستقلة. إن عدم وجود أفلام
بوليوود هو المنقذ لهذه الأفلام.
وهكذا السينما الهندية لديها ثلاثة مناطق مختلفة: بوليوود، بوليوود
المستقلة، والأفلام المستقلة الناشئة. في حين أن تمويل أفلام بوليوود
تجد التوزيع التقليدي، ليس هناك مساحة لعرض الأفلام المستقلة. هذا شيء
يكافح السينمائيون من أجله، ونحن نحتفل بمرور 100 عام على السينما
الهندية.
ما هي الأفلام التي ألهمتك؟
أريد أن أروي بعض القصص، التي يتم تجاهلها والتي تمثل الكفاح من
أجل القيم الإنسانية الأساسية في بلدنا. ويمكنني أن أربط بين الأفلام
القادمة من أمريكا الجنوبية والشرق الأوسط والشرق الأقصى في آسيا إلى
حد كبير، حيث الصراعات متشابهة. إنها غنية بصرياً، كما أنها تقدّم
صراعات موجودة تثير الفكر أكثر من بلدان العالم الأول.
أوزغي كلافاتو