سؤال وجواب: مخرجة "اللائحة" بيث ميرفي
قصة بطل حقيقي
2012.10.09 - يسجل فيلم بيث مورفي المدهش
"اللائحة" تجربة كيرك جونسون عامل الإغاثة الأمريكي الذي وضع
قائمة بآلاف العراقيين المضطهدين في ديارهم، وبدأ يكافح لكي يحصل لهم
على حقّ اللجوء في بلاده. قبل عرض الفيلم في مهرجان أبوظبي السينمائي،
كان لنا مع ميرفي هذا الحوار.

أخرجت عدداً من الأفلام التي تتمحور حول القضايا
الاجتماعية قبل فيلم "اللائحة". ما موقع هذا الفيلم الأخير ضمن مسيرتك
المهنية؟
يمثل "اللائحة" نمط العمل الذي لطالما رغبت في القيام به: أفلام
تلفت الأنظار إلى الأفراد أو الجماعات التي ما كنا لولا ذلك لنسمع
عنهم، وأفلام تطرح أسئلة أخلاقية شائكة تتفحصهم على المستويين العالمي
والفردي معاً. قصص أناس مثل كيرك جونسون والعمال العراقيين في
"اللائحة" تشكل إلهاماً لي، في هذه الحالة بالتحديد سعيي طوال أربع
سنوات وراء الحصول على الصور والمقابلات، عبر أرجاء المعمورة، من
أمريكا إلى العراق إلى سوريا وصولاً إلى الأردن ومصر.
كيف التقيت كيرك في البداية؟ وكيف تطورت فكرة
الفيلم؟
تطوعت للعمل مع "مؤسسة نيو إنغلند الدولية"، وهي منظمة تساعد
اللاجئين على الاستقرار في منطقة بوسطن. وفي مطلع عام 2007 كانت
منظمتنا هذه تتأهب لاستقبال دفعة كبيرة من اللاجئين العراقيين ولاسيما
من أولئك الذين عملوا بصورة مباشرة مع الحكومة الأمريكية، في الوقت
الذي كان بلدنا يخوض فيه حرباً في بلدهم. وبعض أولئك الناس كانوا قد
تعرضوا للتهديدات، وخطف بعضهم، وأعدم بعضهم الآخر، كإنذار لكلّ من
يفكر في التحالف مع الأمريكيين.
وعلى الرغم من جهوزية مؤسستنا لاستقبال ذلك الفيض من اللاجئين،
فإنهم لم يصلوا. وهذا كان بمثابة جرس الإنذار بالنسبة إليّ. فإذا كانت
حياة أولئك الناس مهدّدة بسبب الخدمات التي قدموها لأمريكا، فلماذا لم
يتم استقبالهم؟ في ذلك العام قال مسؤولو وزارة الخارجية إن 20 ألف
عراقي يمكن أن يسمح لهم بالدخول إلى الأراضي الأمريكية خلال عام 2007،
وبنهاية شهر يوليو، لم يكن قد سمح بدخول أكثر من 133 لاجئاً. فبدأت
أجري الاتصالات الهاتفية لكي أحاول معرفة سبب هذا التأخر. وكانت
مكالمة مع أحد الأشخاص في الخارجية الأمريكية هي التي قادتني إلى كيرك
جونسون وعمله.
بعدما التقيت كيرك وفهمت بعض الشيء مدى التزامه بالأشخاص الذين عمل
معهم عن كثب في العراق، أدركت أنني أريد تصوير فيلم عن هذه القصة
أثناء حدوثها. وبعد أقلّ من شهر على لقائنا الأول كنت في طريقي إلى
شيكاغو لتصوير يغدان، الرجل الأول على قائمة كيرك، لدى وصوله إلى
أمريكا.
لقد تتبعت قصة كيرك على مدى فترة طويلة من الزمن؟ هلا
أطلعتنا على المزيد حول عملية الإنتاج وما هي المشقات التي
واجهتها؟
كان من المقلق كثيراً بالنسبة إليّ كمراقبة أن أشهد على الإخفاق
الإداري الضخم في حكومة بلادي فيما يتعلق بصلتها بالعمال العراقيين
الذين قامت هي مباشرةً بتوظيفهم للعمل لديها. وهو إخفاق بدا أنه
يظهرعدم مبالاة أحداً بمصير أولئك الأشخاص.
كان ثمة لحظات رائعة بالنسبة إلى كيرك، فوصول يغدان إلى أمريكا كان
بداية رائعة. كما أن وصول أنا وعائلتها بعد ذلك بفترة طويلة كان مصدر
فرح وراحة. بيد أنه، حتى الآن ومع نجاح كيرك وفريقه بإحضار 1300 لاجئ
إلى أمريكا، وهي حصيلة إيجابية جداً لكنها تشعرك بالإحباط حين تعرف أن
الآلاف ما زالوا ينتظرون، وما زالوا يواجهون الخطر، وحياتهم معلقة.
أظن أن هذا يثقلّ عليّ، بل أعرف أنه يثقل عليّ.
ما كانت التحديات التي واجهتك خلال التصوير في الشرق
الأوسط؟ كيف أنشأت علاقة ثقة مع العراقيين؟
كان أمن العراقيين الذين نقابلهم هو أولى أولوياتنا. جميع من
قابلناهم كانوا أساساً معرضين للخطر بسبب علاقتهم مع الأمريكيين. وقد
كان ذلك مبعث تحديات دائمة خلال إقامتنا الاتصالات، وتحديد أماكن
اللقاء، إلخ. وكان هناك عاملان سهّلا علينا الحصول على المادة الفلمية
التي حصلنا عليها: أولاً، الاحترام الكبير الذي يتمتع به كيرك في
أوساط اللاجئين، فهم يعرفون العمل الذي أنجزه حتى الآن لصالحهم
ولمساعدة من هم في مثل أوضاعهم. كما أن إتقان كيرك للعربية ساعدنا على
أن يستكين العراقيون ويشعروا بالأمان. ثانياً، أغلب المقابلات التي
أجريناها في العراق وسوريا والأردن ومصر أجريناها بشرط واحد، وهي أنها
لن تستعمل في الفيلم قبل وصول أصحابها إلى أمريكا. ولهذا السبب هناك
مادة كبيرة بقيت غير مستعملة إلى وقتنا هذا.
ما نظرتك إلى السياسة الأمريكية فيما يخص الشرق
الأوسط؟
أودّ التركيز على ناحية محددة في العلاقات بين بلادي والشرق
الأوسط: تأشيرة الهجرة الخاصة. هذا التشريع المحدد شكل مثالاً ممتازاً
على اتفاق الطرفين على وضع سياسة ضرورية وملحة. وقد عمل أعضاء بارزون
في مجلس الشيوخ جنباً إلى جنب لكي يضعوا منظومة يضعون فيها على رأس
الأولويات المواطنين العراقيين الذين عملوا مع الأمريكيين وكانوا في
خطر نتيجة تلك العلاقة. وقد تم وضع 25 ألف تأشيرة جانباً لهذه الفئة،
وكان هذا التشريع سيمرر سريعاً لإنقاذ حياة الآلاف.
مرّر الكونغرس المشروع، ووقع عليه الرئيس فحوله قانوناً. وكان هناك
أمل عظيم بين اللاجئين المنتظرين. وبعد خمس سنوات لم يستعمل 19 ألف من
تلك التأشيرات. وتعمل منظمات مثل منظمة كيرك جونسون "مشروع القائمة
لإعادة توطين الحلفاء العراقيين" و"المركز التقدمي الأمريكي"، وتضغط
للحصول على تلك التأشيرات التي ما زالت عالقة في خضم الإجراءات
الإدارية الرتيبة التي يبدو أن أحداً غير قادر على تجاوزها.
من وجهة نظري، هذه اللامبالاة بتشريع محدد وضع تحديداً لمساعدة
أشخاص في وضع ميؤوس منه، هي بحكم الجريمة. فجميع الدول الحليفة
لأمريكا في العراق قد نقلت من عملوا معها من العراقيين إلى برّ الأمان
قبل سنوات. وما لم يقف أحدهم في رأس السلطة ويطالب بفعل شيء ما ويحاسب
المهملين، فإن شيئاً لن يتحقق على الأرض.
ما آخر أخبار كيرك ومشروعه؟
خلال السنوات الأخيرة بدأ كيرك بوضع قائمة جديدة، لا تتضمن الحالات
التي يريد من وزارة الخارجية وضعها على رأس أولوياتها، بل بما يعانيه
الأفراد الذين عملوا مع أمريكا بينما ينتظرون شخصاً ما في حكومتنا لكي
يمضي في إجراءات منحهم التأشيرات. وهذه القائمة شديدة الخطورة، فهي
تتضمن تهديدات بالقتل، محاولات اغتيال، أعمال خطف. ويأمل كيرك بأن
تلهم هذه المقاربة المسؤولين لكي يتحركوا سريعاً في التعامل مع حالات
العراقيين. كما يؤلف كيرك كتاباً يروي فيه قصة "اللائحة". وسوف ينشر
العام المقبل.
كيف يسع المواطنين حول العالم مساعدة كيرك في مشروعه
هذا؟
ما زال مشروع اللائحة يتلقى طلبات المساعدة اليومية من العراقيين
الذين عملوا مع الأمريكيين. ولدعم عمل كيرك يمكن زيارة الموقع
الإلكتروني thelistproject.org في حال
رغب شخص في العمل في حملة وثائقي "للائحة"، يمكنه زيارة موقع
"برينسيبل للإنتاج السينمائي": principlepictures.com أو
مراسلتي مباشرة:bmurphy@principlepictures.com
نهدف من هذه الحملة إلى أن نقيم شراكات بين الناس والفيلم بما في ذلك
تنمية الوعي العام والحوار في شأن قضايا التسامح الثقافي ورفع مستوى
المسؤولية في الحروب، وخلق فرص لطلاب الثانوية والجامعة لتأمل العواقب
الإنسانية للحرب، ومخاطبة الهيئات التشريعية لإعادة إجازة قانون
التأشيرة الخاصة قبل أن تنتهي مدة صلاحيته، وتقوية الهيئات التشريعية
لكي تتمكن على نحو أفضل من تلبية حاجات اللاجئين.
هلا أخبرتنا عن بداية عملك في الأفلام الوثائقية والسبب
الرئيس الذي دفعك بهذا الاتجاه؟ من هم صناع الأفلام أو الأفلام التي
كان لها تأثير عليك؟
كنت صحافية ومذيعة أخبار قبل أن أخوض بمجال الأفلام الوثائقية،
وكلّ يوم كنت أقدم فيه الأخبار ضمن مواجز لا تتجاوز الستين ثانية كنت
أشعر بالغضب جراء حجم القصص التي نضطر إلى التخلي عنها بسبب ضيق
الوقت. كيف يمكن أن نشكل فهماً حقيقياً لما يجري في العالم في الوقت
الذي لا نرى سوى جزء ضئيل منه؟
حين أسست "برينسيبال للإنتاج السينمائي"، كان ذلك بهدف أن أروي
المزيد من القصص التي تهمني. والمواضيع التي تختارها شركتي هي الأقرب
إلى قلبي، قصص تمنح الناس الذين قلما تصل أصواتهم الفرصة لكي يتكلموا،
وتزيد من الوعي الاجتماعي، وتشدد على أهمية التعليم والتعاطف. لقد
تغيرت صناعة الأخبار بصورة جذرية خلال العقد الماضي إلى درجة أنها
أحيانا تكون فقط شريطاً يمر بسرعة في أسفل الشاشة. أظنّ أن
الأفلام الوثائقية تسهم في ملء الثغرة التي يخلفها الإيقاع المتسارع
لوسائل الإعلام الإخبارية.
أوزغي كلافاتو