تحليل: "إنقاذ الوجه"
2012.10.14 - يبدأ "إنقاذ الوجه" (2011)
مع زكية البالغة من العمر 39 عاماً والتي تعرضت مؤخراً لاعتداء من
قِبل زوجها بعد أن تقدّمت بدعوى للطلاق منه، وهي تروي لنا كيف أنها لم
تعد تستطيع النظر إلى وجهها في المرآة بسبب ما لحق به من تشويه.
وترينا بعدها صوراً فوتوغرافية لها قبل الحادث، متحدثة عن مدى حبها
لارتداء الملابس الجديدة والتقاط الصور الفوتوغرافية، وكيف أنها باتت
مضطرة إلى التنقل في البلدة بوجه لفّ بالضمادات، مخبئة عينيها
بالنظارات الشمسية لكي تتجنب نظرات الناس إليها أو إخافة الأطفال لدى
رؤية تشوهاتها.

يشير تعبير "إنقاذ الوجه" إلى الاحتفاظ برأيّ أو بصورة إيجابية عن
النفس، وهو ما يقوم به هذا الوثائقي، من خلال قصة طبيب الجراحة
التجميلية المقيم في لندن محمد جواد، الذي يصحبنا في رحلة مشوّقة إلى
إسلام أباد بباكستان، حيث يُعرّفنا على نسوة دمرت صُورتهن الذاتية
بالكامل بعد تعرضهن للاعتداء بالمواد الكيماوية الحارقة.
لم أستطع منع نفسي خلال مشاهدة الفيلم من التفاعل بصورة جسدية مع
أحداثه، فقد أرعبتني قصتا زكية وروكشانا، بقدر ما أضحكتني تعليقات
الطبيب جواد اللاهية، والتي هي جزء من مساعدة السيدات على الاسترخاء،
كما أدهشتني الأكاذيب التي أخذ يتفوه بها مرتكبو تلك الاعتداءات أمام
عدسات الكاميرا، وارتسمت على وجهي ابتسامة واسعة حين تلقى أحد أولئك
حكمين اثنين بالسجن المؤبّد.
كانت واحدة من أقسى لحظات الفيلم حين انهارت روكشانا وهي تروي لنا
كيف ألقى زوجها (الأسيد) على وجهها، بعد أن ألقت أخت زوجها (الكاز)
عليها، الذي أشعلته حماتها. ومما زاد من محنتها هو اضطرارها إلى
التصالح مع هذه العائلة لأنها غير قادرة على إعالة أطفالها. شعرتُ
بالدمع يكاد ينهمر من عينيّ وبالألم في حلقي وأنا أحاول حبس تلك
الدموع لاسيما وأنا أشاهد الطبيب جواد وهو ينزع نظارته كي يمسح
دموعه.
أيّ تعبير رائع عن قوة الأنثى وشجاعتها في التغلب على مثل هذه
القسوة المتناهية، وهي شجاعة شبه إعجازية قدرة تلك النسوة على بثّ
الأمل في نفوس المشاهدين، في خضم كلّ الألم الذي يعانينه. وكم كانت
فرحتي عارمة وأنا أشاهد زكية بذلك الفستان الأحمر الزاهي وهي تسير
بثقة في الشوارع وقد باتت قادرة على كشف وجهها الجديد. وأيّ شخصية
رائعة هو الدكتور جواد، الأشبه بالساحرة الطيبة التي ترمي التعاويذ
بعصاها السحرية كي تنقذ وجوه تلك النسوة.
أنجز كلّ من شيرمين عبيد شينوى ودانييل جونج عملاً مذهلاً في هذا
الوثائقي الذي استحقا عليه الفوز بجائزة الأوسكار في وقت سابق من هذا
العام، والذي يشكل تحية مستحقة لنساء باكستان جميعاً.
سعاد شما