تحليل: "تنكر"
2012.10.16 - حظي فيلم "تنكر" بحضور طاغي في قصر الإمارات. وهو دراما ملحمية تأتي من كوريا الجنوبية بمعالجة جديدة لفيلم أكيرا كوروساوا "كاجيموشا".
عرض فيلم شو شانغ- مين الأخير يوم الثلاثاء الفائت في قصر الإمارات، وكان من الملفت تواجد عدد كبير من الحضور على الرغم من عرض الفيلم في يوم عمل وليس خلال عطلة نهاية الإسبوع. وقد رحب الجمهور الذي كان من ضمنه عدد كبير من الكوريين الجنوبيين ترحيبا حارا بمخرج الفيلم شو شانغ - مين، وهو أحد أبرز مخرجي كوريا الجنوبية، الذي حضر العرض وبرفقته ريو سونغ - ريونغ أحد أبطال الفيلم، بالإضافة إلى سعادة سفير كوريا الجنوبية في دولة الإمارات الدكتور تاي كيون كون. وقد ساهم الفيلم بالإضافة إلى أفلام كثيرة أخرى بإغناء المزيج الثقافي لمدينة أبوظبي بعد أن حقق إيرادات ضخمة على شباك التذاكر في كوريا الجنوبية.
يروي الفيلم قصة الملك غوانغي (يقوم بدوره هوانغ جو- يون)، وهو الملك الخامس عشر من سلالة جوسيون. خوفا من إغتياله يقرر البحث عن بديل شبيه به، وبمساعدة كبير وزرائه (يلعب دوره ريو سونغ) يجد ضالته في أحد بيوت الدعارة، وهو مهرج ومقلد وكوميدي يدعى ها- سيون (يلعب دوره هوانغ جو أيضا). يعتبر مستشاري الملك المقربين جدا أنه من المستحيل قبول (ها- سيون) بديلا للملك، لكن مرض الملك الشديد، والذي نكتشف لاحقا بأن سببه كان سما تدسه له إحدى وصيفات الملكة، يجبر مستشاريه للاستعانة بـ (ها - سيون) ليحل مكانه. لكن إلى متى سيبقى ذلك السر مدفونا داخل أروقة البلاط؟
يصبح الملك بشخص (ها- سيون) أكثر بشاشة، يطلق الدعابات ويبدو أكثر إنسانية من الملك الحقيقي، مما يثير الشبهات حوله من الوزراء ويدفعهم للسعي إلى فضح تلك التمثيلية الفاشلة التي قام بها الملك غوانغي. في نفس الوقت تبدأ الملكة بالإعجاب بهذه الشخصية المحسنة من الملك غوانغي، فالقوانين أصبحت أكثر عدلا ومنطقية، و(ها- سيونغ) يكسب الأصدقاء أكثر من الأعداء. ما أثار إعجاب الجمهور الارتباط الدائم لدور (ها- سيونغ) الجديد كملك والمسؤوليات المترتبة على ذلك بروح من الدعابة البذيئة.
قد تبدو القصة مبتذلة، إعادة لأصل قصة قديمة استخدمها مارك توين في كتاب "الأمير والفقير"وتناولها كوروساوا في فيلم "كاجيموشا"؛ لكن طريقة طرحها المبتكرة في هذا الفيلم تضعها في مصاف أفلام على شاكلة "قمر فوق بارادور" لبول مازورسكي و"ديف" لإيفان ريتمان. يحافظ فيلم "ماسكيريد" على انتباه الجمهور بقدرته المدهشة على الانتقال بين رقة السرد والميلودراما المتقنة. يوازن الفيلم بين مشاهده العاطفية المؤثرة وفجاجة فكاهته التي ليس من المعتاد تواجدها في الأفلام التاريخية الملحمية؛ فأصوات حركة أمعاء الملك مكشوفة على الملأ وسخريته الوقحة من طرق القاعات الخانقة.
لا يحتوي الفيلم على مشاهد لا طائل منها بالرغم من كون مدته تتجاوز الساعتين، فكل شخصيات ومشاهد الفيلم مكتوبة بشكل جيد ودقيق. يقوم هوانغ جو بتجسيد دوري الملك والبديل بأريحية استثنائية رائعة؛ فالحوار مبتكر وذكي. وتناغم هوانغ مع باقي ممثلي الفيلم لا يشوبه شيء. في الوقت نفسه، فإن تجسيد شو شانغ المدهش لكوريا القرن السابع عشر يعد إنجازا عظيما بحد ذاته. مواقع التصوير والأزياء المبهرة والاهتمام الشديد بالتفاصيل أتت لتكمل السيناريو المتقن والأداء المحترف للممثلين. مما جعل فيلم "ماسكيريد" من أفلام الدرجة الأولى الواسعة النطاق وعلى أكثر من مستوى. هذا ما أكدته الندوة التي أجريت بعد العرض مع المخرج وباقي أعضاء فريق الفيلم، والجدير بالذكر أن محاورهم كان إماراتي الجنسية يتحدث اللغة الكورية بطلاقة.