تحليل: "فرانكوفونيا"
بقدر ما يبدو فيلم المخرج والنجم جيمس فرانكو شبه الوثائقي
الذي يتناول الأوبرا الصابونية غريبا وملتويا بقدر ما هو
مضحك.
2012.10.17 - تحذير: إن كنت من عشاق جيمس فرانكو,
فإما ستزداد هياما به بعد مشاهدة فيلمه "فرانكوفرينيا"- أو أنك ستشعر
باستياء كبير منه. ما يجعل فرانكو محبوبا لدى النساء هو سحره الطفولي
ممزوجا بفطنته المدروسة. لكن هذا الفيلم لايدور حول نجومية فرانكو. بل
إنه يتهكم من شعبية أعمال الأوبرا الصابونية المملة والمضجرة
(وهي الأعمال الإذاعية والتلفزيونية التي لها طابع وجداني
وميلودرامي مبالغ به ومتعلق بحياتنا اليومية) وخصوصا مسلسل "المستشفى
العام". طلب من جيمس فرانكو الظهور في دور قاتل سفاح يدعى فرانكو في
إحدى حلقات المسلسل الذي كان يتمتع بشعبية كبيرة في ذاك الوقت. لكن
تلك الحلقة لم تكتمل أبداً، يستند فيلم "فرانكوفرينيا" بطريقة محرفة
عن ما حدث وراء كواليس المسلسل في ذلك الحين.

يلعب فرانكو في هذا الفيلم التهكمي دور فنان يدعى فرانكو ويتربع
على عرش أهم الفنانين بلا منازع ويتجاوز كل حدود الإبداع في تحفه فنية
تحبس الأنفاس، بحرفية الكلمة. توحي لنا شخصية فرانكو بأنه يخطط لقتل
ملهمته في سبيل إنهاء تحفته الأخيرة. ما يحدث خلف الكواليس يتلوه ما
يحدث فيما هو أبعد من ذلك، ليصبح للكواليس ما وراء كواليسها الخاصة
كأنها أصبحت بحد ذاتها مسرحا للأحداث بما يشبه طبقة نرفعها لتظهر
الطبقة التي تحتها، ليذكرنا هذا كله بالحبكة المركبة والمحكمة لفيلم
كريستوفر نولان" ذرع الأفكار"لكن بطبقات أكثر عمقا. يكون فرانكو على
طبيعته عندما يوقع بلطافة شديدة الأوتوغرافات لمعجبيه المتعطشين بينما
يمشي على السجادة الحمراء، ويوزع ابتساماته العريضة لكل من يطلب ذلك
حتى أنه يشملنا بها كمتفرجين. لكن وسط تالق ذلك المشهد نسمع
جنون مونولوجه الداخلي الذي يظهر بدايات انفصام شخصيته. داخل رأس
فرانكو ثمة صراع مع نفسه، يطلق على نفسه الشتائم ويسخر من كل من يحيط
به. فوق كل ذلك تأتينا أصوات أخرى لتزيد تخبطنا بحيرتنا؛ حيث تاتي من
رسم للرجل على دورات مياه الرجال بالاضافة لرجل مقعد وكأنهما
صوت لا وعي فرانكو، وكان من الممكن أن يكون ذلك طبيعيا، لولا أنه يبدو
بأن للا وعي فرانكو ثلاثة أصوات.
يتهرب فرانكو من سؤال أحد الصحفيين إن كان يحب الشخصية التي عليه
قتلها في الحلقة بقوله أن ذلك مجرد إشاعة، لكنه يعود إلى نفس النقطة
(بأصواته اللاوعيه الثلاثة) لأكثر من مرة في الفيلم ويفكر مليا إن كان
لديه فعلا أي نقطة ضعف تجاه ضحيته. ميوله الإجرامية للقتل
وحالته العقلية المشوشة ستزيد من فضول المشاهدين مع كل مشهد من
الفيلم.
يأتي عنوان الفيلم من جملة غالبا ما يقولها فرانكو أثناء تدربه على
المشهد،"لا تقتلني فأنا أعرف مكان الطفل." لكن هل حقا يعرف مكانه؟ ومن
يكون ذلك الطفل؟ ولماذا الإصرار على ذلك السطر؟ سيجد المشاهدين أنفسهم
تائهين وسط هذه الأسئلة بالإضافة إلى أسئلة كثيرة أخرى، فإما أن يجدوا
أجوبتها أو يدعونها بلا أجوبة. أن ينسج فرانكو مثل هذه الشبكة من
الأفكار والصور بما فيها أمام الشاشة وما خلفها تجعله يبدو عبقريا
بطريقة تلاعبه بنا؛ سنجد أنفسنا في نهاية الأمر مجرد متلقين من الدرجة
الثالثة غائصين بالحيرة كمن يشاهد معرض حيوانات نادرة. سنجد أنفسنا
مجرد متلقين هامشيين معرضين لكل هذه الحيرة المربكة.
قد يبدو لنا بأنه لا طائل من كل اللقطات القريبة لأذني وشفتي
وأسنان فرانكو، لكن ربما قد فقد عقلنا التمييز بين الحقيقة والوهم منذ
بداية الفيلم. يخلق فرانكو جوا من الغموض والالتباس باستخدام أغنية
"ملحمة بوهيمية " لفرقة "كوين"كخلفية موسيقية أثناء تحضير نفسه
للتصوير. بينما ينوع المخرج المشارك بإخراج الفيلم (لان أولدس)
بأساليب التصوير ليخلق نوع من الهرمية بما يتعلق بأولويات الأفكار
داخل رأس فرانكو. أما الإضاءة فقاسية وقوية كون أغلب إضاءة الفيلم
جاءت من إضاءة الاستوديو وفلاشات الكاميرات. تتجادل الأصوات بشكل
مستمر حول أفعال فرانكو وردودها. في لقطة محددة يوقف فرانكو الفيلم
ويعيده ليتفكر بالفروقات بين جيمس فرانكو وشخصية فرانكو من مسلسل
"المستشفى العام" ليستنتج في نهاية الأمر بأنه لا يمكن فصلهما.
يفضي الفيلم إلى تسليم متلائم مع فكرة فيلم "عالم مجنون"ومونتاج
جيمس فرانكو لا يزال يحاول أن يفهم لماذا هو هناك وماذا يفعل. من
أتيحت له مشاهدة فيلم "قطار الأناناس" و"127 ساعة" سيلاحظ أن فرانكو
يميل لأن يكون مهووسا. نستشف بعض النرجسية وسط كل هذا الإخفاق - لنجد
بأنه من غير المفاجئ أن تسمى باسم الشخصية التي يمثلها الحقيقي في
"المستشفى العام". بمشاهدة "فرانكوفرينيا" ستتعرف على قابلية
جيمس فرانكو التامة أسر وإشغال الجمهور بشيء يتطلب وقتاً حتى يصبح
منطقياً. ويمكن للبعض أن يعتقد بأن تلك هي نيته الأساسية.
يعرض فيلم "فرانكوفرينيا" في صالات فوكس في المارينا مول في
17 أكتوبر 2:30 ظهرا
ميليسا خان