تحليل: "عطور الجزائر"
تداخل الحنين بآلام الماضي والذاكرة
2012.10.17 - يعود المخرج رشيد بن حاج في فيلمه
"عطور الجزائر"، بموضوع جزائري بعد تنوع في أعماله التي حملت روايات
ومآسي الآخرين كما في فيلم "المعتدي" 1979،"توتشيا" 1993، "شجرة
المصائر المُعلقة" 1979 و "ميركا"1999، بالإضافة إلى فيلمه الأخير
"للخبز فقط" 2004. يروي مخرج وكاتب "عطور الجزائر" 2012 قصة مأساة
أسرة جزائرية خلال السنوات العنيفة والمرعبة من خلال عيون الممثلة
التي تلعب دور كريمة، فهي مصورة ناجحة تركت الجزائر لأسباب قاهرة
لتعيش في فرنسا.

وهنا؛ يحاول المخرج التركيز على خلفيات تلك الفترة المؤلمة من
تاريخ الجزائر الحديثة من خلال مأساة عائلة جزائرية متدهورة تجتمع في
أفرادها تناقضات المجتمع وخلافاته، فبين أب مسيطر قاسي وأم ناكرة؛
أبنائهم شخصياتهم متناقضة. "كريمة" ثورية ومتفتحة، وأخاها "مراد" يصبح
رئيس جماعة إرهابية. ويتعمق بن حاج من خلال العدسة داخل خفايا هذه
الأسرة مركزاً على دور المرأة، حيث أن حضور المرأة في الفلم واضح مهما
كان موقفها قوياً أم ضعيفاً. بالأخص "كريمة" التي تلعب دورها
الإيطالية "مونيكا غريتور".
يظهر الفيلم معاناة "كريمة" النفسية التي تتخلص من تسلط والدها
(سيد أحمد أفومي) وتهرب من الفضيحة التي اكتشفتها داخل الأسرة لكنها
رغم إصرارها على نسيان الماضي لم تستطيع النسيان وبقيت سجينة ماضيها،
فحين تتلقى مكالمة من والدتها في عام 1998 تتوسل منها العودة إلى
الجزائر، تجد نفسها في وسط كل ما يحدث لأسرتها ومن حولها. وفي هذه
الجولة المؤلمة عبر خفايا الذاكرة الفردية والجماعية؛ حاول المخرج
إثارة الكثير من القضايا أولها قضية المرأة التي تعمل باستمرار على
فرض وجودها ومكانتها في مجتمع يشكو من فقدانه حرية التعبير والنزاع
بين الأجيال. في نفس الوقت يستطيع رشيد بن حاج برسم صور جميلة عن
الجزائر من خلال عدسة المصور الإيطالي الشهير "فيتوريو سترورار," الذي
ارتبط اسمه بأفلام مثل "نهاية العالم الآن" والفائز بعدة جوائز
أوسكار. وشارك في الأدوار الرئيسية لفيلم "عطور الجزائر" كل من "شافية
بوذراع" و"أحمد بن عيسى" و"عديلة بن ديمراد" و"عادل جعفري". وأعاب
كثير من شاهدوا العرض استعمال اللغة الفرنسية أثناء الحوارات، رغم
إمكانية توظيف اللهجة العامية كونها ممكن أن تكون أصدق في توصيل
الرسالة. يعرض فيلم "عطور الجزائر" الذي أنتجته الوكالة الجزائرية
للإشعاع الثقافي في مهرجان أبو ظبي السينمائي لهذا العام 2012 كجزءاً
من برنامج خاص لعرض أفلام جزائرية احتفاءً بمرور خمسين عاماً على
ولادة السينما الجزائرية ما بعد الإستقلال.
يعرض فيلم "
عطور الجزائر" يوم الأربعاء 17 أكتوبر في الساعة 6:30 مساءً في
قصر الإمارات.
تمارا ملحس