تحليل: "معركة الجزائر" (1966)
رغبة في تطعيم ملخصات أفلام كاتالوج المهرجان بمساهمات متنوعة
لنقاد وباحثين ومبرمجين واصلت ادارة النشرتكليف مجموعة من المختصين في
المساهمة في الكتابة الى كاتلوج هذا العام وكان بينهم الناقد ابراهيم
العريس في كتابة خمس متابعات نقدية مختصرة، نشر ثلاث منها في
الكاتالوج ولأهميتها الخاصة نقوم باعادة نشر هذه
المقالة.
2012.11.12 - لا يمكن المجادلة في ان فيلم "معركة الجزائر" يعتبر واحدا من الأفلام الحربية
الكبيرة في تاريخ السينما العالمية، يشهد على هذا ترتيبه ال120 بين
اعظم افلام تاريخ الفن السابع حسب استفتاء لمجلة "امباير" الإنكليزية.
غير ان مصير هذا الفيلم التالي لعرضه للمرة الأولى في مهرجان البندقية
عام 1966 - حيث نال الجائزة الكبرى -، يبدو اكثر اهمية. فمن الإحتجاج
الفرنسي عليه، رسميا وشعبيا لكونه "يقدم صورة سيئة" عن ممارسات الجيش
الفرنسي في الجزائر ايام معارك 1955-1957 الكبرى، الى منعه في فرنسا
طوال سنوات، مرورا بتحوّله الى مادة تدرس في المعاهد العسكرية في مجال
حرب العصابات والتصدي لها، وصولا الى عرض وزارة الدفاع الأميركية له
ابان حرب العراق في حضور رامزفيلد كأمثولة عن الحروب الصعبة، عرف هذا
الفيلم مسارا مدهشا. ولا بد هنا ان نضيف الى هذا المصير استياء كثر من
المناضلين الجزائريين منه بسبب الصورة التي قدمها للمناضل علي لا
بوانت الذي انضم الى الثورة بعدما كان رجل عصابات وقوّادا!
ومع هذا من الواضح ان
الفيلم لم يأت بشيء من عنده، بل هو - مع تبديل في الأسماء - انما قدم
فصلا نضاليا تاريخيا مستقى من تجربة ياسف سعدي المناضل الذي ساهم في
كتابة السيناريو وقام بالدور بنفسه الى جانب جان مارتان الذي كان
الممثل المحترف الوحيد في الفيلم حيث لعب دورا يذكّر بالجنرال الفرنسي
ماسّو، بطل التعذيب المرعب الذي قضى تحت اشرافه عدد كبير من
المناضلين، ودمّرت بأوامره مناطق واحياء بأسرها.
"معركة الجزائر" هو ، اذا، الفيلم الذي فضح هذا كله باكرا آتيا بعد
الإستقلال بسنوات قليلة ليضع المسألة الجزائرية في زمن العالم، وليقول
ايضا انه يمكن للسينما التاريخية/ النضالية ان تكون قوية ومقنعة فيما
تعبّر عن الحقائق سواء أكانت معروفة او خفيّة، وسواء اكانت مرغوبة او
مقلقة.
إبراهيم العريس