"الحوت الأسود" و"وعد باندورا".. الإنسان مصدر القلق العظيم!
الحوت الأسود لغابرييلا كوبرثوايتلو ظل الأمر محصوراً بالحالة السيئة التي كان يعيشها الحوت "تيليكوم" في مسابح "سيلاند" التجارية، لبدا عمل المخرجة غابرييلا كوبرثوايت عن "الحوت الأسود" ترفاً وفيه مراضاة لنزعة حماية الحيوان التي ينشط غربيون على وجه التحديد في العمل عليها. لكن القصة تعدت هذا التوصيف لصلتها الشديدة بمصائر بشر تعرضوا للموت بسببها، ولهذا أخذ الوثائقي منحىً جدياً أسست له وسائل الاعلام كثيراً من خلال نشرها المستمر أخباراً "مضخمة" عن خطر "تيليكوم" الذي بات يهدد الكثيرين من مدربي المسابح وربما الجمهور الذي يأتي لمشاهدة عروضه الحية.
حاولت كوبرثوايت جمع طرفي المعادلة الشائكة: الظروف التي تعيش فيها الحيتان في المسابح الأمريكية والأوروبية وكيف تجعل منها حيوانات عدائية؛ ودور الشركات الخاصة ودوافعها الربحية في تعريض مدربيها الى أخطار وصلت حد الموت. مساران جعلا من "الحوت الأسود" عملاً متماسكاً، غار عميقاً في علاقة البشر بالحيوانات التي تشاركنا العيش في نفس الكوكب وعن علاقات أصحاب الشركات بالعاملين في مشاريعهم وكيف يضعون الربح فوق أي أعتبار. جمع الطرفين سيوسع من فكرة الوثائقي التي انطلقت في البداية من متابعة بسيطة للحالات التي تعرض فيها مدربو الحيتان الى هجمات عنيفة أدت الى موت بعضهم، ثم راحت تتوسع الى معرفة الأدوار التي لعبتها الشركات التجارية ووسائل الاعلام في تحويل التفات الناس الى الزاوية الخطأ من المشهد، لتطرح من خلالها أسئلة تتعلق بمسؤوليتنا إزاء ما يجري في العالم من استغلال للإنسان والحيوان على حد سواء، والمشاهد التمهيدية للوثائقي "الحوت الأسود" تسمح بالدخول السلس الى عالم "تيليكوم" وكل ما يحيط فيه بدءاً من الترحيب الدعائي بإصطياد الحيتان الصغيرة مروراً بدخولها أحواض السباحة الأهلية وصولاً الى معرفة أسباب موت المدربين. ستقود "تحريات" كوبرثوايت الى كشف العلاقة المختلة بين الإعلام ومتلقيه وكيف يستغل الأول جهل الثاني بطبيعة هذه الحيوانات والتي سيؤدي اصطيادها الى خلق حالة من الخلل المدمر للطبيعة التي نعيش فيها. وعلى مستويات كبرى، سندرك كيف يستغل أصحاب الشركات عمالهم أسوأ استغلال وعدم إهتمامهم بمصائرهم قدر اهتمامهم بالأرباح. سنشاهد عبر ملاحقة صاحبة "الحوت الأسود" لدوائر الشرطة وفتح ملفاتها القديمة المتعلقة بموت بعض المدربين وسنسمع من بعض هؤلاء شهادات عن سوية الحيتان وكيف أن الظروف التي طالما اشتكوا من سوئها ستقودها الى ردود أفعال عدائية راحت بسببها أرواح زملاء لهم. وبعد جمع كم كبير من الحقائق العلمية والأدلة الجنائية وشهادات شخصية لأناس لهم علاقة مباشرة بالموضوع، سنتوصل الى محصلة نهائية تقول: علينا جميعاً اعادة التفكير بعلاقتنا بالعالم المحيط بنا ومعرفته بشكل أحسن والإنتباه الى ما تتناقله وسائل الاعلام وتحليله عميقاً قبل الأخذ به وأخيراً الوقوف في وجه المستغلين من البشر بشجاعة كما فعلت المخرجة غابرييلا كوبرثوايت.
قيس قاسم
*بحضور المنتج ماني أوتيزا
العرض الثاني: الإثنين 10/28/2013 16:15 VOX4