"اسمي هممم...": فيلم طريق عن العنف الاسري
اسمي هممممم لأنييس تروبليهفيلم جميل عن العنف الاسري، انجزته مصصمة الأزياء الفرنسية التي "تحبّ السينما" أنييس ب.، وعنوانه "اسمي هممم..."، كان قد عُرض في قسم "أوريزونتي" على هامش مهرجان البندقية السينمائي (دورة 70). شريط مطعّم بالفيديو آرت ينطوي على معالجة بصرية مثيرة، يصور الرحلة التي تقوم بها صبية (لو ــ ليلي ديميرلياك) مع سائق شاحنة بريطاني (دوغلاس غوردون) يعبر فرنسا، وتلتقيه صدفة خلال عطلتها المدرسية على شاطئ البحر. هذا فيلم طريق ستعرف فيه سيلين معنى ان تكون خارج الحضن العائلي (الأكثر اماناً على ما يبدو)، ذلك انه ثمة سرّ لا تستطيع البوح به يأكلها من الداخل. الفيلم استطاع ان يثير الانفعال وهو الأول لسيدة شهيرة تبلغ الثانية والسبعين من العمر. بحسب المخرجة، لا يتطرق الفيلم الى سفاح القربى فحسب، انما الى حكاية فتاة تهرب من المنزل. "لماذا هربت؟"، هذا هو السؤال الذي ارادت أنييس ب. طرحه، وهي تقول انه عندما يطالع المرء الجريدة ويقع على خبر بنت هربت من المنزل، لا يذكر سبب هروبها.
بدأت أنييس ب، التي عرضت تصاميمها في كبريات العواصم، تهتم بالسينما حين كانت في السابعة عشرة. كريستيان بورغوا، الذي تزوجته وهي قاصرة بعد، كان يصطحبها الى الصالات المظلمة مساء كل يوم. هكذا نما في داخلها حبّ الشاشة، مشعلاً لديها الرغبة في الاكتشاف. هذا السينيفيلي النهم تولى تربيتها حتى تورطت في السينما بشكل كامل، فصارت مطلعة على الأفلام الـ"نوار" الأميركية، مثل معرفتها ببازوليني وغودار وسكورسيزي. "اسمي هممم" فيلمها الروائي الطويل الأول، وهو يكلل سنوات أمضتها في دعم السينما، سواء معنوياً او عبر مساهمتها في الانتاج.
لماذا انتظرتِ كل هذا الوقت قبل المرور خلف الكاميرا؟ تقول انييس: "في الواقع، كتبتُ القصة قبل وقت طويل، ولكن كان عليّ ان أنتظر امتلاك الجرأة لتصويرها. في مرحلة، تخليتُ عن البوديوم وعرض الأزياء، واتجهتُ الى الأفلام القصيرة. كانت تجربة مهمة. بالنسبة لهذا الفيلم، صورتُ كثيراً، وكنت أعمل على المونتاج ليلاً، واستغرق ذلك أشهرا وأشهرا. أنا حميمية جداً، أحبّ الاشتغال على مشاريع تعزّ على قلبي. كان شيئاً مذهلاً ان ارى خيالي يتحول صوراً تتفتح فيها الحياة. صوّرتُ بكاميرا واحدة. وأنا مَن التقط المشاهد. حملتُ الكاميرا وذهبتُ الى المشروع بلا تكلف. كان هناك مصوّر آخر للقطات الـ"إنسرت". كان عليَّ أن أتابع واتأكد مما يُصوَّر. لي رؤية محددة لما سأنجزه. كل الذين تعاونوا معي هم أصدقاء. دوغلاس غوردن، الذي يضطلع بدور السائق، صديق مقرب لي. أنا هاوية أكثر من كوني محترفة. أحبّ الفنّ، ويستهويني ان أصنع أشيائي الخاصة. كانت عندي بعض الأفكار في هذا الفيلم اردت تنفيذها، كإعادة تصوير الشاشة مثلاً خلال المونتاج. أحياناً، كنت اجد المشهد مباشراً او كلاسيكياً، فألجأ الى ما قد يضفي عليه المزيد من الشاعرية. المقطع الذي يرد فيه خبر انتحار سائق الشاحنة كان لحظة مهمة لم ارد التفريط بها. لذلك، صوّرتُ شاشة المونتاج بكاميرا صغيرة جداً".
وتقول انييس ان هذا الموضوع يخيف الجميع. فأثناء عملية بحثها عن تمويل، كلما كانت تقول ان الفيلم يتحدث عن تحرش أب بابنته، كانت الأبواب تُقفل في وجهها. "اعتقد ان حكايات مماثلة تحدث في اماكن كثيرة وليس فقط في فرنسا. ليست الحكاية حكايتي لكنني اردتُ التحدث عنها. كتبتُها بسرعة قياسية. لم تتطلب مني أكثر من يومين تأليفاً. أحبّ الناس كثيراً، مهما يكن المكان الذي يأتون منه، ولا استطيع، كمصممة أزياء ومحبة للفنّ، أن أتغاضى عما يحدث في العالم. فكيف تريد مني ألا أهتم بالتحرش الجنسي بالأطفال؟ هذا شيء مرعب وآثاره تظل ماثلة عند الطفل الى الأبد".
هوفيك حبشيان